النوس على كثرتهم واختلاف ذواتهم وأحوالهم ومراتبهم ومقاديرهم وانتشارهم بعد بعثرة القبور وتحصيل ما في الصدور {كالفراش} أي صغار الجراد لأنها تتفرش وتتهافت على النار، أو هو طير غير ذلك لا دم له، يتساقط في النار وليس ببعوض ولا ذباب، وقال حمزة الكرماني: شبههم بالفراش التي تطير من هنا ومن هنا ولا تجري على سمت واحد وهي همج يجتلبها السراج، وقال غيره: وجه الشبه الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما تتطاير الفراش، وكثرة التهافت في النار وركوب بعضهم بعضاً - وموج بعضهم في بعض من شدة الهول كما قال تعالى {كأنهم جراد منتشر}[القمر: ٧]{المبثوث *} أي المنتشر المتفرق.
ولما كانت الجبال أشد ما تكون، عظم الرهبة بالإخبار بما يفعل بها فقال تعالى:{وتكون الجبال} على ما هي عليه من الشدة والصلابة وأنها صخور راسخة {كالعهن} أي الصوف المصبغ لأنها ملونة كما قال تعالى:
{ومن الجبال جدد بيض وحمر}[فاطر: ٢٧] أي وغير ذلك {المنفوش *} أي المندوف المفرق الأجزاء الذي ليس هو بمتلبد شيء منه على غيره،