ولما كانت مما يفوت الوصف بعظيم أهوالها وشديد زلزالها، جمع الأمر فيها فقال منكراً أن يكون مخلوق يعرف وصفها:{وما أدراك} أي وأيّ شيء أعلمك وإن اشتد تكلفك {ما هيه *} أي الهاوية لأنه لم يعهد أحد مثلها ليقيسها عليه، وهاء السكت إشارة إلى إن ذكرها مما يكرب القلب حتى لا يقدر على الاسترسال في الكلام أو إلى - أنها مما ينبغي للسامع أن يقرع بهذا الاستفهام عنها سمعه فيسكت لسماع الجواب وفهمه غاية السكوت ويصغي غاية الإصغاء.
ولما هوّلها بما ذكر، أتبعها ما يمكن البشر معرفته من وصفها فقال {نار حامية *} أي قد انتهى حرها، هذا ما تتعارفونه بينكم، وأما التفاصيل فأمر لا يعلمه إلا الله تعالى، وهذا نهاية القارعة، فتلاؤم الأول للآخر واضح جداً وظاهر - والله أعلم.