أراد الدنيا وزينتها من الإكثار والكبر والتعزز بالمال والجاه وطلب الدنيا، أتبع ذلك بما منح نبيه مما هو خير مما يجمعون، وهو الكوثر وهو الخير الكثير، ومنه الحوض الذي ترده أمته في القيامة، لا يظمأ من شرب منه، ومنه مقامه المحمود الذي يحمده فيه الأولون والآخرون عند شفاعته العامة للخلق وإراحتهم من هول الموقف، ومن هذا الخير ما قدم له في دنياه من تحليل الغنائم والنصر بالرعب والخلق العظيم إلى ما لا يحصى من خيري الدنيا والآخرة مما بعض ذلك خير من الدنيا وما فيها إذ لا تعدل الدنيا وما فيها واحدة من هذه العطايا {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}[يونس: ٥٨] ومن الكوثر والخير الذي أعطاه الله كتابه المبين، الجامع لعقل الأولين والآخرين، والشفاء لما في الصدور.
ولما كمل له سبحانه من النعم ما لا يأتي عليه حصر مما لا يناسب أدناه نعيم الدنيا بجملتها، قال مبيناً له منبهاً على عظيم ما أعطاه
{لا تمدن عينيك إلى ما متعنا}[الحجر: ٨٨] إلى قوله {ورزق ربك خير وأبقى} فقد اضمحل في جانب نعمة الكوثر الذي أوتي كلُّ ما ذكره الله تعالى في الكتاب من نعيم أهل الدنيا وتمكن من تمكن منهم، وهذا أحد