حبلها في جيدها فهو في غاية الحقارة، والتباب والخساسة والخسارة وحاصل هذه السورة أن أبا لهب قطع رحمه وجار عن قصد السبيل واجتهد بعد ضلاله في إضلال غيره، وظلم الناصح له الرؤوف به الذي لم يأل جهداً في نصحه على ما تراه من أنه لم يأل هو - جهداً في أذاه واعتمد على ماله وأكسابه فهلك وأهلك امرأته معه ومن تبعه من أولاده، ومن أعظم مقاصد سورة النساء المناظرة لها في رد المقطع على المطلع التواصل والتقارب والإحسان لا سيما لذوي الأرحام، والعدل في جميع الأقوال والأفعال، فكان شرح حال الناصح الذي لا ينطق عن الهوى، وحال الضال الذي إنما ينطق عن الهوى - قوله تعالى:
{يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم}[النساء: ٢٦] وختمها إشارة إلى التحذير من مثل حاله، فكأنه قيل: يبين الله لكم أن تضلوا فكونوا كأبي لهب في البوار، وصلي النار - كما تبين لكم، فكونوا على حذر من كل ما يشابه حاله وإن ظهر لكم خلاف ذلك، فأنا أعلم منكم، والله بكل شيء عليم «والحمد لله رب العالمين» .