{ما} وتنكير {غاسق} و {حاسد} والعهد فيها استعيذ من شره في سورة الناس وتعريفه ونعته، فبدأ بالعموم ثم أتبع بالخصوص ليكون أبلغ في تحصيل ما قصدت الاستعاذة منه، وأوفى بالمقصود، ونظير هذا في تقديم المعنى الأعم ثم إتباعه بالأخص بتناول الدقائق والجلائل قوله سبحانه وتعالى {بسم الله الرحمن الرحيم} في معنى الرحمن ومعنى الرحيم واحد لا في عموم الصفة الأولى وكونها للمبالغة، وقد تعرض لبيان ذلك المفسرون ولذلك نظائر - انتهى.
ولما كان الرب الملك متقاربين في المفهوم، وكان الرب أقرب في المفهوم إلى اللطف والتربية، وكان الملك للقهر والاستيلاء وإظهار العدل ألزم، وكان الرب قد لا يكون ملكاً فلا يكون كامل التصرف، اقتضت البلاغة تقديم الأول وإتباعه الثاني، فقال تعالى:{ملك الناس *} إشارة إلى أن له كمال التصرف ونفوذ القدرة وتمام السلطان، وإليه المفزع وهو المستعان، والمستغاث والملجأ والمعاد.
ولما كان الملك قد لا يكون إلهاً، وكانت الإلهية خاصة لا تقبل شركاً أصلاً بخلاف غيرها، أنهي الأمر إليها وجعلت غاية البيان فقال: