ولا يعمل بها يشبه رجلاً جاهلاً بنى بيته على الرمل، فنزل المطر وجرت الأنهار وهبت الرياح وضربت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيماً. وكان لما أكمل يشوع هذه الكلمات بهت الجميع من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كمثل كُتابهم.
وفيه مما يمتنع إطلاقه في شرعنا لفظ الأب والرب وسيأتي في آل عمران ما يشفي العليل في تأويل مثل ذلك على تقرير صحته. وكل ما ورد من وصف الأنبياء بالكذبة فالمراد به المدعي للنبوة كذباً.
ولما تقدم أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسلاً وأنزل معهم كتباً، وأنهم تعبوا ومستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى جمعوا الناس على الحق، وأن أتباعهم اختلفوا بعد ما جاءتهم البينات كان مما يتوجه النفس للسؤال عنه سبب اختلافهم، فبين أنه مشيئته سبحانه وتعالى لا غير إعلاماً بأنه الفاعل المختار فكان التقدير: ولو شاء الله سبحانه وتعالى لساوى بين الرسل في الفضيلة، ولو شاء لساوى بين أتباعهم في قبول ما أتوا به فلم يختلف عليهم اثنان، ولكنه لم يشأ ذلك فاختلفوا عليهم وهم يشاهدون البينات، وعطف عليه قوله تسلية لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لافتاً القول إلى التعبير بالجلالة إشارة إلى أن الاختلاف