كان أمر منزل القرآن إقامة الدين بمكتوبه وحدوده فأنهاه تعالى منتهى منه ثم نظم به ما نظم من علنه في آية الكرسي ورتب على ذلك دين الإسلام الذي هو إلقاء كإلقاء اليد عند الموت انتظم به أمر المعاد الذي لا مدخل للعباد في أمره فرتب سبحانه وتعالى ذكر المعاد في ثلاثة أحوال: حال الجاحد الذي انتهت غايته إلى بهت، ثم حال المستبعد الذي انتهت غايته إلى علم وإيمان، وأنهى الخطاب إلى حال المؤمن الذي انتهى حاله إلى يقين وطمأنينة ورؤية ملكوت في ملكوت الأرض - انتهى، فقال سبحانه وتعالى: واذ {قال إبراهيم} ولقد استولى الترتيب والتعبير في هذه الآيات الثلاث على الأمد الأقصى من الحسن، فإنها بدئت بمن أراد أن يخفي ما أوضحته البراهين من أمر الإله في الإحياء بأن ادعى لنفسه المشاركة بإحياء مجازي تلبيساً بلفظ إلى الدال على بعده ولعنه وطرده، ثم بمن استبعد إحياء القرية فأراه الله سبحانه وتعالى كيفية الإحياء الحقيقي آية له وتتميماً للرد على ذلك مع الإقبال عليه بالمخاطبة ولذة الملاطفة ثم بمن سأل إكرام الله تعالى له بأن يريه كيف يحيي فيثبت ثم أثبتت ثم أكدت، ومناسبة الثلاث بكونها في إحياء الأشباح بالأرواح