ولما كان خلق آدم وسائر المخلوقات من مداد الأركان التي هي الماء والتراب والهواء والنار فأظهر منها الصور {وصوركم فأحسن صوركم}[غافر: ٦٤] ثم أظهر سبحانه وتعالى قهره بإماتته وإفناء صوره، «كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذَّنَبِ، منه خلق وفيه يركب» فكان بددها في أربعة أقطار شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، أرى خليله عليه الصلاة والسلام كيف يدعو خلقه من أقطار آفاقه الأربعة بعد بددها واختلاطها والتئام أجزائها على غير حدها، يقال إن علياً رضي الله تعالى عنه ضرب بيده على قدح من فخار فقال: كم فيه من خد أسيل وعين كحيل! {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم}[ق: ٤] فأرى تعالى خليله عليه الصلاة والسلام مثلاً من جملة ذلك {قال فخذ} بالفاء تحقيقاً لمقاله وتصديقاً فيما تحقق من إيمانه وإبداء لاستحقاقه اليقين والطمأنينة بتقرر إيمانه {أربعة من الطير} هو اسم جمع من معنى ما منه الطيران وهو الخفة من ثقل ما ليس من شأنه أن يعلو في الهواء، جعل تعالى المثل من الطير لأن الأركان المجتمعة في الأبدان طوائر تطير إلى أوكارها ومراكزها التي حددها الله تعالى لها جعلاً