سبحانه وتعالى في خلقه من تربيتهم بخلقهم ورزقهم حتى عرفوه بما احتاجوا إليه، فوجدوه معرفة عجز عنه لا معرفة نيل له، فمتى دعاهم من أقطار الآفاق أجابوه إجابة هذه الطوائر لخليله بحظ يسير من تربيته لهن، وإذا كانت هذه الأربع مجيبة للخليل عليه السلام بهذا الحظ اليسير من الصور والصغو فكيف تكون إجابة الجملة للجليل العزيز الحكيم! قال تعالى:{ثم اجعل} عطفاً بكلمة المهلة تجاوزاً بعد تربيتهن عن ذبحهن ودرسهن وخلطهن حتى صرن لحمة واحدة لا يبين في جملتها شيء من الصور الذاهبة، كما تصير المواليد تراباً عند موتها وتبددها صورة واحدة ترابية ليتطابق المثل والممثول مطابقة تامة إلى ما وراء ذلك من مجاوزة عبرة وروية {على كل جبل} من الجبال القريبة إليك {منهن جزءاً} والجزء بعض من كل يشابهه كالقطعة من الذهب ونحوه، فجعل الجبال مثل الأقطار وهي لارتفاعها أمكن في الرؤية وأبعد من الاشتباه
{إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون}[يس: ٥٣] {فإنما هي زجرة واحدة