لما قبله من نشر الأموات، فهو إيماء إلى الاستدلال على البعث بأمر محسوس، وذلك من دقيق الحكمة، فكأنه سبحانه وتعالى يقول: إن خليلي عليه الصلاة والسلام لما كان من الراسخين في رتبة الإيمان أهّلته لامتطاء درجة أعلى من درجة الإيقان بخرق العادة في رفع الأستار على يده عن إحياء الأطيار وأقمت نمطاً من ذلك لعامة الخلق مطوياً في إحياء النبات على وجه معتاد فمن اعتبر به أبصر ومن عمي عنه انعكس حاله وأدبر فقال سبحانه وتعالى: {مثل} فكان كأنه قيل: {من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً}[الحديد: ١١]{يا أيها الذين آمنوا أنفقوا}[البقرة: ٢٥٤] فإنه مثل {الذين ينفقون} أي يبذلون {أموالهم} بطيب نفس {في سبيل الله} أي الذي له الكمال كله كمثل زارع مثل ما ينفقون {كمثل حبة} مما زرعه. قال الحرالي: من الحب وهو تمام النبات المنتهي إلى صلاحية كونه طعاماً للآدمي الذي هو أتم الخلق، فالحب أكمل من الثمرة طعامية والثمرة إدامية {أنبتت} أي بما جعل الله سبحانه وتعالى لها من قوة الإنبات بطيب