وإنما ذلك لطف منه بكم ليجري عليه الثواب والعقاب {حميد *} يجازي المحسن أفضل الجزاء على أنه لم يزل محموداً ولا يزال عذب أو أثاب. قال الحرالي: وهي صيغة مبالغة بزيادة ياء من الحمد الذي هو سواء أمر الله الذي لا تفاوت فيه من جهة إبدائه وافق الأنفس أو خالفها.
ولما رغب سبحانه وتعالى في الإنفاق وختم آياته بما يقتضي الوعد من أصدق القائلين بالغنى والإثابة في الدارين أتبعه بما للعدو الكاذب من ضد ذلك فقال محذراً من البخل - في جواب من كأنه قال: هذا ما لا يشك فيه فما للنفوس لا توجد غالباً إلا شحيحة بالإنفاق-: {الشيطان} أي الذي اسمه أسوأ الأسماء، فإنه يقتضي الهلاك والبعد، وأحد الوصفين كاف في مجانبته فكيف إذا اجتمعا! {يعدكم الفقر} المانع من الإنفاق. قال الحرالي: الذي لخوفه تقاطع أهل الدنيا وتدابروا وحرصوا وادخروا. وكل ذلك لا يزيل الفقر، كل حريص فقير ولو ملك الدنيا، وكل مقتنع غني، ومن حق من كان عبداً لغني أن يتحقق أنه غني يغني سيده، ففي خوف الفقر إباق العبد عن ربه؛ والفقر فقد ما إليه الحاجة في وقت من قيام المرء في ظاهره وباطنه - انتهى. {ويأمركم بالفحشاء} المبطلة له من المن والأذى وغيرهما من مستلذات الأنفس وربما كان فيها إتلاف الأموال وإذهاب