أمر ما بين الدنيا والآخرة فداوى أدواء الدنيا بدواء الآخرة وداوى النفس بدواء الدارين وضم جوامعها في تيسير الكلم كما ضمّها لمن اصطفاه {ذلك مما أوحى إليك ربّك من الحكمة}[النحل: ٣٩] فقال سبحانه وتعالى: {يؤتي الحكمة} انتهى. وفي ترتيبها على واسع عليم بعد غني حميد بعد عزيز حكيم التحذير من التعريض لإنفاق ما يرده لعزته وغناه وسعته ويذم عليه لعلمه لرداءته أو فساد في نيته وإن خفي فإن ذلك خارج عن منهاج الحكمة منا ومقتضى الحكمة منه سبحانه وتعالى كما وقع لقابيل إذ قرب رديئاً كما هو مشهور في قصته، ولعله لوح إليه بالتذكر في ختام هذه الآية ثم بقوله:{وما للظالمين من أنصار} فصار كأنه قال سبحانه وتعالى: واعلم أن الله عزيز حكيم يؤتي الحكمة وهي العلم بالأشياء على ما هي عليه المزين بالعمل والعمل المتقن بالعلم {من يشاء} من عباده، ثم مدح من حلاه بها فقال مشيراً ببناء الفعل للمفعول إلى أنها مقصودة في نفسها:{ومن يؤت الحكمة} أي التي هي صفة من صفاته، وأشار بالتعريف إلى كمالها