انتهى. {وإن تخفوها} حتى لا يعلم بها إلا من فعلتموها له. ولما كان المقصود بها سد الخلة قال:{وتؤتوها الفقراء فهو} أي فذلك الإخفاء والقصد للمحتاج {خير لكم} لأنه أبعد عن الرياء وأقرب إلى الإخلاص الذي هو روح العبادات، وفي تعريفها وجمعها ما ربما أشعر بعموم الفرض والنفل لما في إظهار المال الخفي من التعرض للظلم والحسد وفي إفهام السياق أن الصدقة تجوز على الغني. ولما كان التقدير: فإنا نرفع بها درجاتكم، عطف عليه قوله:{ويكفر عنكم من سيئاتكم} أي التي بيننا وبينكم.
ولما كان التقدير: فلا تخافوا من إخفائها أن يضيع عليكم شيء منها فإن الله بكل ما فعلتموه منها عليم، عطف عليه تعميماً وترغيباً وترهيباً:{والله} أي الذي له كل كمال {بما تعملون} أي من ذلك وغيره {خبير *} فلم يدع حاجة أصلاً إلى الإعلان فعليكم بالإخفاء فإنه أقرب إلى صلاح الدين والدنيا فأخلصوا فيه وقروا عيناً بالجزاء عليه.
ولما حث سبحانه وتعالى على وجوه الخير ورغب في لزوم الهدى وكان أكثرهم معرضين، لأن ما دعا إليه هادم لما جبلوا عليه