ولا يتكرر عليها ذلك ومن شأنها أن يتكرر عليها ذلك، وفي إبهامه بلفظ إحدى أي من غير اقتصار على الضمير الذي يعين ما يرجع إليه إشعار أن ذلك يقع بينهما متناوباً حتى ربما ضلت هذه عن وجه وضلت تلك عن وجه آخر فأذكرت كل واحدة منهما صاحبتها فلذلك يقوم بهما معاً شاهد واحد حافظ - انتهى. وفي ذكر الإذكار منع من الشهادة بدون الذكر، والآية من الاحتباك. ولما أفهم ذلك الحث على الشهادة صرح به في قوله:{ولا يأب الشهداء} أي تحمل الشهادة وأدائها بعد التحمل {إذا ما دعوا} دعاء جازماً بما أفهمته زيادة ما.
ولما تمّ ذلك وكان صغير الحق وكبيره ربما تُركت تهاوناً بالصغير ومللاً للكبير حذر من ذلك ولم يجعله في صلب الأمر قبل الإشهاد بل أفرده بالذكر تعظيماً لشأنه فقال:{ولا تسئموا} من السآمة. قال الحرالي: بناء مبالغة وهو أشد الملالة {أن تكتبوه} أي لا تفعلوا فعل السئيم فتتركوا كتابته {صغيراً} كان الدين {أو كبيراً} طالت الكتابة أو قصرت.
قال الحرالي: ولم يكن قليلاً أو كثيراً، لأن الكثرة والقلة واقعة بالنسبة إلى الشيء المعدود في ذاته، والصغير والكبير يقع بالنسبة إلى المداين، فربما كان الكثير في العدد صغير القدر عند الرجل الجليل المقدار، وربما كان القليل العدد كثيراً بالنسبة إلى الرجل المشاحح فيه، فكان الصغر والكبر