ولما كان حقيقة المحاسبة ذكر الشيء والجزاء عليه وكان المراد بها هنا العرض وهو الذكر فقط بدلالة التضمن دل عليه بقوله مقدماً الترجئة معادلة لما أفهمه صدر الآية من التخويف:{فيغفر لمن يشاء} أي فلا يجازيه على ذلك كبيرة كان أو لا {ويعذب من يشاء} بتكفير أو جزاء.
ولما أخبر سبحانه وتعالى بهذا أنه مطلق التصرف ختم الكلام دلالة على ذلك بقوله مصرحاً بما لزم تمام علمه من كمال قدرته:{والله} أي الذي لا أمر لأحد معه {على كل شيء قدير *} أي ليس هو كملوك الدنيا يحال بينهم وبين بعض ما يريدون بالشفاعة وغيرها. قال الحرالي: فسلب بهذه الآية القدرة عن جميع الخلق - انتهى. وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذه الآية خاصة بأمر الشهادة، وقال الأكثرون: هي عامة كما فهمها الصحابة رضوان الله سبحانه وتعالى عليهم في الوسوسة وحديث النفس المعزوم عليه وغيره ثم خففت بما بعدها، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله