النداء إشعاراً بما لهم من القرب لأنهم في حضرة المراقبة؛ ولما كانت أحوالهم في تقصيرها عن أن يقدر الله حق قدره كأنها أحوال من لم يؤمن اقتضى المقام التأكيد فقالوا:{إننا} فأثبتوا النون إبلاغاً فيه {آمنا} أي بما دعوتنا إليه، وأظهروا هذا المعنى بقولهم:{فاغفر لنا ذنوبنا} أي فإننا عاجزون عن دفعها ورفع الهمم عن مواقعتها وإن اجتهدنا لما جبلنا عليه من الضعف والنقص، تنبيهاً منه تعالىعلى أن مثل ذلك لا يقدح في التقوى إذا هدم بالتوبة لأنه ما أصر من استغفر، والتوبة تجب ما قبلها. قال الحرالي: وبين المغفرة على مجرد الإيمان إشارة إلى أنه لا تغيرها الأفعال، من ترتب إيمانه على تقوى غفرت ذنوبه، فكانت مغفرة الذنوب لأهل هذا الأدب في مقابلة الذين آخذهم الله بذنوبهم من الذين كذبوا، ففي شمول ذكر الذنوب في الصنفين إعلام بإجراء قدر الذنوب على الجميع، فما كان منها مع التكذيب أخذ به، وما كان منها مع التقوى والإيمان غفر له - انتهى.
ولما رتب سبحانه وتعالى الغفران على التقوى ابتداء رتب عليها الوقاية انتهاء فقال:{وقنا عذاب النار} أي الذي استحققناه بسوء أعمالنا.