السابقة، ومن شأن الصابر عن الدنيا الصدق، لأن أكثر المداهنة والمراءاة إنما ألجأ إليها التسبب إلى كسب الدنيا، فإذا رغب عنها لم يحمله على ترك الصدق حامل قيتحقق به فيصدق في جميع أموره والصدق مطابقة أقواله وأفعاله لباطن حاله في نفسه وعرفان قلبه - انتهى {والقانتين} أي المخلصين لله في جميع أمورهم الدائمين عليه.
ولما ذكر سبحانه وتعالى العمل الحامل عليه خوف الحق ورجاؤه أتبعه ما الحامل عليه ذلك مع الشفقة على الخلق، لأن من أكرم المنتمي إليك فقد بالغ في إكرامك فقال:{والمنفقين} أي ما رزقهم الله سبحانه وتعالى في كل ما يرضيه، فإنه لا قوام لشيء من الطاعات إلا بالنفقة. قال الحرالي: فيه إشعار بأن من صبر نوّل، ومن صدق أعلى، ومن قنت جل وعظم قدره، فنوله الله ما يكون له منفقاً، والمنفق أعلى حالاً من المزكي، لأن المزكي يخرج ما وجب عليه فرضاً، والمنفق يجود بما في يده فضلاً - انتهى.
ولما ذكر هذه الأعمال الزاكية الجامعة العالية أتبعها الإشارة إلى أن الاعتراف بالعجز عن الوفاء بالواجب هو العمدة في الخلاص: