للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنه بنصب الأدلة وبعث الدعاة والترغيب في الطاعة والترهيب من المعصية المسبب عنه سعادة الدارين، فهو من رأفته بالمحذرين فقال بانياً على ما تقديره: ويعدكم الله سبحانه وتعالى فضله ويبشركم به لرأفته بكم: {والله} أي والحال أن الذي له وحده الجلال والإكرام {رؤوف بالعباد *} قال الحرالي: فكان هذا التحذير الخاتم ابتدائياً، والتحذير السابق انتهائياً، فكان هذا رأفة سابقة، وكان الأول الذي ترتب على الفعل تحذيراً لاحقاً متصلاً بالمصير إلى الله، وهذا الخاتم مبتدأً بالرأفة من الله.

والرأفة - يقول أهل المعاني - هي أرق الرحمة، والذي يفصح عن المعنى - والله سبحانه وتعالى أعلم - أنها عطف العاطف على من يجد عنده منه وصلة، فهي رحمة ذي الصلة بالراحم، فنم تحقق أن الأمر لله سبحانه وتعالى وجد رفقه وفضله ورحمته عليه لما برىء من دعوى شيء من نسبة الخير إلى نفسه، فأحبه لذلك، قيل لأعرابي: إنك تموت وتبعث وترجع إلى الله؟ فقال: أتهددونني بمن لم أر الخير قط إلا منه فلذلك إذا تحقق العبد ذلك من ربه أحبه بما وحّده وبما وجده

<<  <  ج: ص:  >  >>