غير ذكر، وآدم أغرب حالاً منه بأنه ليس من ذكر ولا أنثى ولا من جنس الأحياء - كما سيأتي ذلك صريحاً بعد هذا التلويح لذي الفهم الصحيح.
قال الحرالي: فاصفطاه من كلية مخلوقه الذي أبداه ملكاً وملكوتاً خلقاً وأمراً، وأجرى اسمه من أظهر ظاهره الأرضي وأدنى أدناه، فسماه آدم من أديم الأرض، على صيغة أفعل، التي هي نهاية كمال الآدمية والأديمية. فكان مما أظهر تعالى في اصطفاء آدم ما ذكر جوامعه علي رضي الله عنه في قوله: لما خلق الله سبحانه وتعالى أبان فضله للملائكة وأراهم ما اختصه به من سابق العلم من حيث علمه عند استنبائه إياه أسماء الأشياء فجعل الله سبحانه وتعالى آدم محراباً وكعبة وباباً وقبلة، أسجد له الأبرار والروحانيين الأنوار، ثم نبه آدم على مستودعه وكشف له خطر ما ائتمنه عليه بعد أن سماه عند الملائكة إماماً، فكان تنبيهه على خطر أمانته ثمرة اصطفائه - انتهى {ونوحاً} أباكم الثاني الذي أخرجه من بين أبوين شابين على عادتكم المستمرة فيكم. وقال الحرالي: أنبأ تعالى أنه عطف لنوح عليه الصلاة والسلام اصطفاء على اصطفاء آدم ترقياً إلى كمال الوجود الآدمي وتعالياً إلى الوجود الروحي العيسوي، فاصطفى نوحاً عليه الصلاة والسلام