القصة من اقتراعهم بالأقلام واختصامهم في كفالتها لخفائه إلا على خواص أهل الكتاب، هذا مع ما في مناسبة الأقلام للبشارة بمن يعلمه الكتاب، واستمر في إكمال المقال على ذلك الأسلوب الحكيم حتى تمت الحجة واستقامت المحجة فقال تعالى مبدلاً من إذ الأولى إيذاناً بأن ما بينهما اعتراض لما نبه عليه من شريف الأغراض:{إذ قالت الملائكة يا مريم} ولما كانت هذه السورة سورة التوحيد المقتضي للتفرد بالعظمة عبر بما صدرت به من اسم الذات الجامع لجميع الصفات فقال: {إن الله} أي الملك الأعظم الذي لا كفوء له، فلا راد لأمره {يبشرك} وكرر هذا الاسم الشريف في هذا المقام زيادة في إيضاح هذا المرام بخلاف ما يأتي في سورة مريم عليها السلام، وقوله:{بكلمة} أي مبتدئة {منه} من غير واسطة أب هو من تسمية المسبب باسم السبب، والتعبير بها أوفق لمقصود السورة وأنفى لما يدعيه المجادلون في أمره، ثم بين أنه ليس المراد بالكلمة حقيقتها، بل ما يكون عنها ويكون فعالاًَ بها فقال مذكراً للضمير:{اسمه} أي الذي يتميز به عمن سواه مجموع ثلاثة أشياء: