أن المحذور إنما هو اعتقاد الاستبداد، والأجتراء على ما يختص به الله سبحانه وتعالى فقال:{من دون الله} الذي اختص بالكمال.
ولما زاحت الشكوك وانتفت العلل أمر بمصارحتهم بالخلاف في سياق ظاهره المتاركة وباطنه الإنذار الشديد المعاركة فقال - مسبباً عن ذلك مشيراً بالتتعبير بأداة الشك إلى أن الإعراض عن هذا العدل لا يكاد يكون:{فإن تولوا} أي عن الإسلام له في التوحيد {فقولوا} أنتم تبعاً لأبيكم إبراهيم عليه السلام إذ قال: {أسلمت لرب العالمين}[البقرة: ١٣١] وامتثالاً لوصيته إذ قال: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}[البقرة: ١٣٢]{اشهدوا بأنا} أي نحن {مسلمون *} أي متصفون بالإسلام منقادون لأمره، فيوشك أن يأمرنا نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتالكم لنصرته عليكم جرياً على عادة الرسل، فنجيبه بما أجاب به الحواريون المشهدون بأنهم مسلمون، ثم نبارزكم متوجهين إليه معتمدين عليه، وأنتم تعرفون أيامه الماضية ووقائعه السالفة.
ولما علم أهل الكتاب ما جبل عليه العرب من محبة أبيهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام وأن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى بدينة كما تقدم في قوله سبحانه وتعالى