ولما ادعوا نفي الجناح عنهم فيهم وبين تعالى أنهم لا يتحاشون عن الكذب صرح بكذبهم في هذا الأمر بخصوصه بقوله:{بلى} أي عليكم في خيانتهم لتحريم العذر عليكم مطلقاً، أي سبيل - كما هو في التوراة وقد مضى نقله في البقرة في آية {إن الذين آمنوا والذين هادوا}[البقرة: ٦٢] وآية {وقولوا للناس حسناً}[البقرة: ٨٣] .
ولما مضى تقسيمهم إلى أمين وخائن استأنف بشارة الأول ونذارة الثاني على وجه عام لهم ولغيرهم لتحريم الخيانة في كل شرع في حق كل أحد منهما، إن الله يبغض الخائن فقال:{من أوفى بعهده} في الدين والدنيا {واتقى} أي كائناً من كان {فإن الله} ذا الجلال والإكرام يحبه، هكذا الأصل، لكنه أظهر الوصف لتعليق الحكم به وإشعاراً بأنه العلة الحاملة له على الأمانة فقال:{يحب المتقين *} .
ولما كانت النفوس نزاعة إلى الخيانة رواغة عند مضائق الأمانة،