ملجأ ولا مفراً، فإذا كانوا كذلك لا يقدرون على التفصي من قبضته بنوع قوة ولا حيلة في سكون ولا حركة فكيف يخالفون ما أتاهم من أمره على ألسنة رسله وقد ثبت أنهم رسله بما أتى به كل منهم من المعجزة! ومن المعلوم أن المعاند للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاند للمرسل.
ولما تم تنزيه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عن الدعاء إلى شيء غير الله، ثم هدد من تولى، فكان السامع جديراً بأن يقول: أنا مقبل غير متول فما اقول وما أفعل؟ قال مخاطباً لرأس السامعين ليكون أجدر لامتثالهم:{قل} أي قبل كل شيء، أي ملفتاً لمن نفعه هذا التذكير والتهديد فأقبل {آمنا} أنا ومن أطاعني من أمتي - مبكتاً لأهل الكتاب بما تركوه من دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومن بعده من خلص أبنائه، وأبوه وجادلوا فيه عدواناً وادعوه؛ ثم فصل المأمور بالإيمان به فقال:{بالله} الذي لا كفوء له.
ولما كان الإنزال على الشيء مقصوداً به ذلك الشيء بالقصد الأول كان الأنسب أن يقال:{وما أنزل علينا} فيكون ذلك له حقيقة ولأتباعه مجازاً، وكانت هذه السورة بذلك أحق لأنها سورة التوحيد