ولما انخلعت القلوب بهذه الكروب نفّس عنها سبحانه وتعالى مشيراً إلى أن فيهم - وإن استبعد رجوعهم - موضعاً للرجاء بقوله:{إلا الذين تابوا} أي رجعوا إلى ربهم متذكرين لإحسانه، ولما كان التائب لم يستغرق زمان ما بعد الإيمان بالكفر، وكانت التوبة مقبولة ولو قل زمنها أثبت الجار فقال:{من بعد ذلك} الارتدار حيث تقبل التوبة {وأصلحوا} أي بالاستمرار على ما تقضيه من الثمرات الحسنة {فإن الله} أي الذي له الجلال والإكرام يغفر ذنوبهم لأن الله {غفور} يمحو الزلات {رحيم *} بإعطاء المثوبات، هذه صفة لهم ولكل من تاب من ذنبه.
ولما رغب في التوبة رهب من التواني عنها فقال:{إن الذين كفروا} أي بالله وأوامره، وأسقط الجار لما مضى من قوله {من بعد إيمانهم} بذلك. ولما كان الكفر لفظاعته وقبحه وشناعته جديراً بالنفرة عنه والبعد منه نبه سبحانه وتعالى على ذلك باستبعاد إيقاعه، فكيف بالتمادي عليه فكيف بالازدياد منه! وعبر عن ذلك بأداة التراخي فقال:{ثم ازدادوا كفراً} أي بأن تمادوا على ذلك ولم يبادروا