والفرح والمسرة بالمصيبة، فإذا برهن المتكلم على الثاني عليم ولا بد أنه حذف برهان الأول، وأنه إنما حذفه - وهو حكيم - لنكتة، وهي هنا عدم الاحتياج إلى ذكره لوضوحه بدلالة السياق مع واو العطف عليه، وما تقدم من كونه غير صريح الدلالة في أمر البغض على أنه تعالى قد ذكر بدراً - كما ترى - بعد محكمة ستذكر، وأطلق سبحانه وتعالى - كما عن الطبري وغيره - التبوء على ابتداء القتال بالاستشارة فإن الكفار لما نزلوا يوم الأربعاء ثاني عشر شوال سنة ثلاث من الهجرة في سفح أحد مكث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظر فيهم ما يأتيه من الوحي بقية يوم الأربعاء ويوم الخميس وليلة الجمعة وباتت وجوه الأنصار في المسجد بباب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرسونه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحرست المدينة الشريفة، ثم دعا الناس صبيحة يوم الجمعة فاستشارهم في أمرهم وأخبرهم برؤياه تلك الليلة: البقر المذبوحة، والثلم في سيفه، وإدخال يده في الدرع الحصينة، وكان رأيه مع رأي كثير من الصحابة المكث في المدينة، فإن قاتلوهم فيها قاتلهم الرجال مواجهة والنساء والصبيان من فوق الأسطحة، وكان عبد الله بن أبيّ المنافق على هذا الرأي، فلم يزل ناس ممن أكرمهم الله