للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنكم شيئاً -: {ولقد نصركم الله} بما له من صفات الجلال والجمال {ببدر} المشار إليها أول السورة بقوله تعالى: {قد كان لكم آية في فئتين التقتا} [آل عمران: ١٣] لما صبرتم واتقيتم.

ولما كانوا في عدد يسير أشار إليه بجمع القلة فقال: {وأنتم أذلة} أي فاذكروا ذلك واجعلوه نصب أعينكم لينفعكم، وكان الإتيان بأمر بدر بعد آية الفشل المختتمة بالحث على التوكل في الغاية من حسن النظم، وهو دليل أيضاً على منطوق قوله تعالى: {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً} [آل عمران: ١٢٠] كما كان أمر أحد دليلاً على منطوقها ومفهومها معاً: دل على منطوقها بنصرهم أول النهار عند صبرهم، وعلى مفهومها بإدالة العدو عليهم عند فشلهم آخره - والله الموفق؛ على أنك إذا أنعمت التأمل في قصة أحد من السير وكتب الأخبار علمت أن الظفر فيها ما كان إلا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما سيأتي الخبر به في قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه} [آل عمران: ٥٢] ، فإن الصحابة رضي الله عنهم هزموهم - كما مضى - في أول النهار حتى لم يبق في عسكرهم أحد ولا بقي عند نسائهم حامٍ، فلما خالف الرماة أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>