إسناد الفعل في {غدوت} ، وأمثاله إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمراد الإسناد إلى الجمع، لأنه الرئيس فخطابه خطابهم، ولشرف هذا الفعل، فكان الأليق إفراده به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما الفشل ونحوه فأسند إليهم وقصر- كما هو الواقع - عليهم.
ولما امتن الله سبحانه عليهم بالنصرة في تلك الكرة سبب عن ذلك أمرهم بالتقوى إشارة إلى أنها السبب لدوام النعمة فقال:{فاتقوا الله} أي في جمع أوامره ونواهيه بأن التقوى التنزه عن المعاصي، والشكر فعل ينبىء عن تعظيم المنعم، وشكر الله صرف جميع ما أنعم به في طاعاته فحينئذ التقوى من الشكر فإن أريد العموم انحل الكلام إلى: اشكروا لعلكم تشكرون، ولا يتحرر الجواب إلا بعد معرفة حقيقة التقوى لغة؛ قال الإمام عبد الحق في كتابه الواعي: الواقية ما وقاك الشر، وكل شيء وقيت به شيئاً فهو وقاء له ووقاية، وقوله سبحانه وتعالى:{لعلكم تتقون} قال ابن عرفة - أي لعلكم أن تجعلوا بقبول ما أمركم به وقاية بينكم وبين النار - انتهى.
فاتضح أن حقيقة {واتقوا} : اجعلوا بينكم وبين عذابه وقاية، وأن