والهزيمة أول النهار وهم أعداؤه، فهو جدير بأن يظفركم بعد وهنكم وأنتم أولياؤه، فكما لم يضعفهم وهنهم وهم على الباطل فلا تضعفوا أنتم وأنتم على الحق، ترجون من الله ما لا يرجون، فقد أدلناكم عليهم يوماً وأدلناهم عليكم آخر {وتلك الأيام} ولما نبه على تعظيمها بأداة البعد، وكانت إنما تعظم بعظم أحوالها ذكر الحال المنبه عليها بقوله:{نداولها بين الناس} أي بأن نرفع من نشاء تارة ونرفع عليه أخرى.
ولما كان التقدير: ليدال على من كانت له الدولة، فيعلم كل أحد أن الأمر لنا بلا شريك ولا منازع عطف عليه قوله:{وليعلم الله} أي المحيط بجميع الكمال {الذين آمنوا} أي بتصديق دعوى الإيمان بنية الجهاد فيكرمهم، ومعنى {ليعلم} أنه يفعل فعل من يريد علم ذلك بأن يبرز ما يعلمه غيباً إلى عالم الشهادة ليقيم الحجة على الفاعلين على ما يتعارفه الناس بينهم {ويتخذ منكم شهداء} أي بأن يجعل قتلهم عين الحياة التي هي الشهادة، لا غيبة فيها، فهو سبحانه وتعالى يزيد في إكرامهم بما صدقوا في إيمانهم بأن لا يكونوا مشهوداً عليهم