مطلقاً في العمل ولا في غيره {وما استكانوا} أي وما خضعوا لأعدائهم فطلبوا أن يكونوا تحت أيديهم - تعريضاً بمن قال: اذهبَوا إلى أبي عامر الراهب ليأخذ لنا أماناً من أبي سفيان، بل صبروا، فأحبهم الله لصبرهم {والله} أي الذي له صفات الكمال {يحب الصابرين *} أي فليفعلن بهم من النصر وإعلاء القدر وجميع أنواع الإكرام فعل من يحبه.
ولما أثنى سبحانه وتعالى على فعلهم أتبعه قولهم فقال:{وما كان} أي شيء من القول {قولهم} أي بسبب ذلك الأمر الذي دهمهم {إلا أن قالوا} أي وهم يجتهدون في نصر دين الله ناسبين الخذلان إلى أنفسهم بتعاطي أسبابه {ربنا اغفر لنا ذنوبنا} أي التي استوجبنا بها الخذلان {وإسرافنا في أمرنا} هضماً لأنفسهم، فمع كونهم ربانيين مجتهدين نسبوا ما أصابهم إلى ذنوبهم، فافعلو أنتم فعلهم لتنالوا من الكرامة ما نالوا، كما أشار لكم سبحانه وتعالى إلى ذلك قبل الأخذ في قص القصة عندما وصف به المتقين من قوله:{أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم}[آل عمران: ١٣٥] .