ولما كان فعلهم ذلك محتملاً لقصدهم الغلول ولخوفهم من غلول غيرهم عمم في التهديد بقوله:{ومن يغلل} أي يقع منه ذلك كائناً من كان {يأت بما غل يوم القيامة} ومن عرف كلام أهل اللغة في الغلول عرف صحة قولي: إنه لمطلق الخيانة، وإنه يجوز أن يكون التقدير: وما كان لأحد أن يفعل ما يؤدي - ولو وعلى بعد - إلى نسبة نبي إلى غلول، قال صاحب القاموس: أغل فلاناً: نسبه إلى الغلول والخيانة، وغل غلولاً: خان - كأغل، أو خاص بالفيء، وقال الإمام عبد الحق الإشبيلي في كتابه الواعي: أغل الرجل أغلالاً - إذا خان، فهو مغل وغل في المغنم يغل غلولاً، وقرىء: أن يَغُل، وأن يُغَل، فمن قرأ: يَغُل - أراد: يخون، ومن قرأ: يُغَل - أراد: يخان، ويجوز أن يريد: لا ينسب إلى الخيانة وكل من خان شيئاً في خفاء فقد غل يغل غلولاً، ويسمى الخائن غالاً، وفي الحديث
«لا إغلال ولا إسلال» الإغلال: الخيانة في كل شيء، وغللت الشيء أغله غلاًّ - إذا سترته، قالوا: ومنه الغلول في المغنم، إنما أصله أن الرجل كان إذا أخذ منه شيئاً ستره في متاعه، فقيل للخائن: غال ومغل، ويقال: غللت الشيء في الشيء - إذا أدخلته فيه، وقد انغل - إذا دخل في الشيء، وقد انغل في الشجر.