يبغضون المؤمنين مع محبتهم لهم، وأنهم لا يؤمنون بكتابهم، وأنهم سيسمعون منهم أذى كثيراً إلى أن وقع الختم في أوصافهم بأنهم اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً - ربما أيأس من إيمانهم؛ أتبع ذلك مدح مؤمنيهم وغير الأسلوب عن أن يقال مثلاً: والذين آمنوا من أهل الكتاب - إطماعاً في موالاتهم بعد التدريب بالتحذير منهم على مناواتهم وملاواتهم فقال:{وإن من أهل الكتاب} أي اليهود والنصارى {لمن يؤمن بالله} أي الذي حاز صفات الكمال، وأشار إلى الشرط المصحح لهذا الإيمان بقوله:{وما أنزل إليكم} أي من هذا القرآن {وما أنزل إليهم} أي كله، فيذعن ملا يأمر منه باتباع هذا النبي العربي، وإليه الإشارة بقوله جامعاً للنظر إلى معنى من تعظيماً لوصف الخشوع بالنسبة إلى مطلق الإيمان:{خاشعين لله} أي لأنه الملك الذي لا كفوء له، غير مستنكفين عن نزل المألوف {لا يشترون بآيات الله} أي التي متى تأملوها علموا أنه لا يقدر عليها إلا من أحاط بالجلال والجمال، الآمرة لهم بذلك {ثمناً قليلاً} بما هم عليه من الرئاسة ونفوذ الكلمة - كما تقدم قريباً في وصف معظمهم، فهم يبينونها ويرشدون إليها ولا يحرفونها.