عدم الإصرار إلى الموت، ولعله عبر بثم إشارة إلى بُعد التوبة ولا سيما مع القرب ممن واقع المعصية، لأن الغالب أن الإنسان إذا ارتبك في حبائلها لا يخلص إلا بعد عسر، ولذلك أشار إلى تعظيمهم بأداة البعد في قوله - مسبباً عن توبتهم واعداً أنه فاعل ما أوجبه على نفس لا محالة من غير خلف وإن كان لا يجب عليه شيء، ولا يقبح منه شيء:{فأولئك} أي العظيمو الرتبة الصادقو الإيمان {يتوب الله} أي الذي له جميع صفات الكمال {عليهم} أي يردهم إلى ما كانوا فيه عندهم من مكانة القرب قبل مواقعة الذنب {وكان الله} أي المحيط علماً وقدرة {عليماً} أي بالصادقين في التوبة والكاذبين وبنياتهم، فهو يعاملهم بحسب ما يقتضيه حالهم {حكيماً} فهو يضع الأشياء في أحكم محل لها، فمهما فعله لم يمكن نقضه.
ولما بين سبحانه المقبول أتبعه المطرود فقال:{وليست التوبة} أي قبولها {للذين يعملون السيئات} أي واحدة بعد أخرى مصرين عليها فسقة كانوا أو كفرة، غير راجعين من قريب، بل يمهلون {حتى إذا حضر} ولما كان تقديم المفعول - على وجه يجوّز كل سامع وقوعه عليه - أهول، لكونه يصير مرتقباً حال فاعله، خائفاً من عاقبته قال:{أحدهم الموت} أي بأن وصل إلى حد الغرغرة، وهي