ولما ذكر التخلي من الظلم، أتبعه التحلي بالفضل فقال عاطفاً على ما تقديره: فإن تك الذرة سيئة لم يزد عليها، ولا يجزي بها إلا مثلها:{وإن} ولما كان تشوف السامع إلى ذلك عظيماً، حذف منه النون بعد حذف المعطوف عليه تقريباً لمرامه فقال:{تك} أي مثقال الذرة، وأنثه لإضافته إلى مؤنث، وتحقيراً له، ليفهم تضعيف ما فوقه من باب الأولى، وهذا يطرد في قراءة الحرميين برفع {حسنة} أي وإن صغرت {يضاعفها} أي من جنسها بعشرة أمثالها إلى سبعين إلى سبعمائة ضعف إلى أزيد من ذلك بحسب ما يعلم من حسن العمل بحسن النية {ويؤت من لدنه} أي من غريب ما عنده فضلاً من غير عمل لمن يريد. قال الإمام: وبالجملة فذلك التضعيف إشارة إلى السعادات الجسمانية، وهذا الأجر إلى السعادات الروحانية {أجراً عظيماً *} وسماه أجراً - وهو من غير جنس تلك الحسنة - لابتنائه على الإيمان، أي فمن كان هذا شأنه لا يسوغ لعاقل توجيه الهمة إلا إليه، ولا الاعتماد أصلاً بإنفاق وغيره إلا عليه.
ولما تم تحذيره من اليوم الآخر وما ذكره من إظهار العدل