مدة، أو أنهم أقصرهم أعماراً إراحة لهم من دار الكدر إلى محل الصفاء، وأنهم يدخلون الجنة قبل جميع الفرق الناجية من أهل الموقف {جنات} أي بساتين، ووصفها بما يديم بهجتها ويعظم نضرتها وزهرتها فقال:{تجري من تحتها الأنهار} أي إن أرضها في غاية الريّ، كل موضع منها صالح لأن تجري منه نهر.
ولما ذكر قيامها وما به دوامها، أتبعه ما تهواه النفوس من استمرار الإقامة بها فقال:{خالدين فيها أبداً} ولما وصف حسن الدار ذكر حسن الجار فقال: {لهم فيها أزواج} والمطرد في وصف جمع القلة لمن يفضل الألف والتاء، فعدل هنا عن ذلك إلى الوحدة لإفهام أنهن لشدة الموافقة في الطهر كذات واحد فقيل:{مطهرة} أي متكرر طهرها، لا توجد وقتاً ما على غير ذلك. ولما كانت الجنان في الدنيا لا تحسن إلا بتمكن الشمس منها وكانت الشمس تنسخ الظل فتخرج إلى التحول إلى مكان آخر، وربما آذى حرها، أمّن من ذلك فيها بقوله:{وندخلهم} أي فيها {ظلاً} أي عظيماً، وأكده بقوله {ظليلاً *}