ولما كان الإنسان من عادته إثبات الأمور التي يريد تخليدها بالكتابة أجرى الأمر على ذلك فقال:{والله} أي والحال أن الملك المستجمع لصفات الكمال {يكتب ما يبيتون} أي يجددون تبييته كلما فعلوه، وهو غني عنه ولكن ذلك ليقربهم إياه يوم يقوم الأشهاد، ويقيم به الحجة عليهم على ما جرت به عاداتهم، أو يوحى به إليك فيفضحهم بكتابته وتلاوته مدى الدهر، فلا يظنوا أن تبييتهم يغنيهم شيئاً.
ولما تسبب عن ذلك كفايته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا المهم قال:{فأعرض عنهم} أي فإنهم بذلك لا يضرون إلا أنفسهم {وتوكل} أي في شأنهم وغيره {على الله} أي الذي لا يخرج شيء عن مراده {وكفى بالله} أي المحيط علماً وقدرة {وكيلاً *} فستنظر كيف تكون العاقبة في أمرك وأمرهم.