وتنشيطهم لغيرهم، كان ذلك سبباً لأن يمضي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمره سبحانه وتعالى من غير التفات إليهم وافقوا أو نافقوا، فقال سبحانه وتعالى بعد الأمر بالنفر ثبات وجميعاً، وبيان أن منهم المبطىء، مشيراً إلى أن الأمر باق وإن بطّأ الكل:{فقاتل في سبيل الله} أي الذي له الأمر كله ولو كنت وحدك.
ولما كان كأنه قيل: فما أفعل فيمن أرسلت إليهم إن لم يخرجوا؟ قال - معلماً بأنه قد جعله أشجع الناس وأعلمهم بالحروب وتدبيرها، وهو مع تأييده بذلك قد تكفل بنصرته ولم يكله إلى أحد -: {لا تكلف إلا نفسك} أي ليس عليك إثم أتباعك لو تخلفوا عنك، وقد أعاذهم الله سبحانه وتعالى من ذلك، ولا ضرر عليك في الدنيا أيضاً من تخليهم، فإن الله سبحانه وتعالى ناصرك وحده، وليس النصر إلا بيده سبحانه وتعالى، وما كان سبحانه وتعالى ليأمره بشيء إلا وهو كفوء له، فهو ملىء بمقاتلة الكفار كلهم وحده وإن كانوا أهل الأرض كلهم، ولقد عزم في غزوة بدر الموعد - التي قيل: إنها سبب نزول هذه الآية - على الخروج إلى الكفار ولو لم يخرج معه أحد؛ وقد اقتدى به صاحبه الصديق رضي الله تعالى عنه في قتال أهل الردة فقال للصحابة رضي الله تعالى عنهم: والله لو لم أجد إلا هاتين - يعني ابنتيه: