عنهم والبعد عن الشفاعة فيهم، والإجماع على ذلك من كل مؤمن وإن كان مبنى السورة على التواصل، لأن ذلك إنما هو حيث لا يؤدي إلى مقاطعة أمر الله، فقال تعالى مبكتاً لمن توقف عن الجزم بإبعادهم:{فما لكم} أيها المؤمنون {في المنافقين} أي أيّ شيء لكم من أمور الدنيا أو الآخرة في افتراقكم فيهم {فئتين} بعضكم يشتد عليهم وبعضكم يرفق بهم.
ولما كان هذا ظاهراً في بروز الأمر المطاع بين القول بكفرهم وضحه بقوله؛ {والله} أي والحال أن الملك الذي لا أمر لأحد معه {أركسهم} أي ردهم منكوسين مقلوبين {بما كسبوا} أي بعد إقرارهم بالإيمان من مثل هذه العظائم، فاحذروا ذلك ولا تختلفوا في أمرهم بعد هذا البيان؛ وفي عزوة أحد والتفسير من البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال:«لما خرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أحد رجع ناس ممن خرج معه، وكان أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرقتين: فرقة تقول: نقاتلهم، وفرقة تقول: لا نقاتلهم، فنزلت:{فما لكم في المنافقين} - الآية، وقال: إنها طيبة تنفي الذنوب وفي رواية: - كما تنفي النار خبث الفضة» انتهى. فالمعنى حينئذ: اتفقوا على أن تسيروا فيها بما ينزل عليكم في هذه الآيات.