ولما نهى عن موالاتهم وغيّي النهي بالهجرة، سبب عنه قوله:{فإن تولوا} أي عن الهجرة المذكورة {فخذوهم} أي اقهروهم بالأسر وغيره {واقتلوهم حيث وجدتموهم} أي في حل أو حرم. ولما كانوا في هذه الحالة لا يوالون المؤمنين إلا تكلفاً قال:{ولا تتخذوا} أي تتكلفوا أن تأخذوا {منهم ولياً} أي من تفعلون معه فعل المقارب المصافي {ولا نصيراً} على أحد من أعدائكم، بل جانبوهم مجانبة كلية.
ولما كان سبحانه وتعالى قد أمر فيهم على تقدير توليهم بما أمر، استثنى منه فقال:{إلا الذين يصلون} فراراً منكم، وهم من الكفار عند الجمهور {إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق} أي عهد وثيق بأن لا تقاتلوهم ولا تقاتلوا من لجأ إليهم أو دخل فيما دخلوا فيه فكفوا حينئذ عن أخذهم وقتلهم {أو} الذين {جاءوكم} حال كونهم {حصرت} أي ضاقت وهابت وأحجمت {صدورهم أن} أي عن أن {يقاتلوكم} أي لأجل دينهم وقومهم {أو يقاتلوا قومهم} أي لأجلكم فراراً أن يكفوا عن قتالكم وقتال قومهم فلا تأخذوهم ولا تقاتلوهم، لأنهم كالمسالمين بترك القتال، ولعله عبر بالماضي في «جاء»