حتى صرتم إلى ما أنتم عليه في الرسوخ في الدين والشهرة به والعز، ولو شاء لقسى قلوبكم وسلطهم عليكم فقتلوكم. فإذا كان الأمر كذلك فعليكم أن تفعلوا بالداخلين في الدين من القبول ما فعل بكم، وهو معنى ما سبب عن الوعظ من قوله تأكيداً لما مضى إعلاماً بفظاعة أمر القتل:{فتبينوا} أي الأمور وتثبتوا فيها حتى تنجلي؛ ثم علل هذا الأمر بقوله مرغباً مرهباً:{إن الله} أي المختص بأنه عالم الغيب والشهادة {كان بما تعملون خبيراً *} أي يعلم ما أقدمتم عليه عن تبيين وغيره فاحذروه بحفظ بواطنكم وظواهركم.
ولما ناسبت هذه الآية ما قبلها من آية القتل العمد، والتفتت إلى {وحرض المؤمنين}[النساء: ٨٤] وإلى آية التحية، فاشتد اعتناقها لهما، وعلم بها أن في الضرب في سبيل الله هذا الخطر، فكان ربما فتر عنه؛ بين فضله لمن كأنه قال: فحينئذ نقعد عن الجهاد لنسلم، بقوله:{لا يستوي القاعدون} أي عن الجهاد حال كونهم {من المؤمنين} أي الغريقين في الإيمان، ليفيد التصريح بتفضيل المؤمن المجاهد على المؤمن القاعد لئلا يخصه أحد بالكافر الجاحد.
ولما كان من الناس من عذره سبحانه وتعالى برحمته استثناهم،