فكتبت في كتف {لا يستوي القاعدون} إلى آخرها؛ فقام ابن أم مكتوم - وكان رجلاً أعمى - لما سمع فضيلة المجاهدين فقال: يا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السكينة، فوقعت فخذه على فخذي، ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، فسرى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: اقرأ يا زيد! فقرأت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {غير أولي الضرر} - الآية كلها، قال زيد: أنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف» ورواه أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي وفيه: «إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا نزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه، وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله عز وجل» .
ولما ذكر القاعد أتبعه قسيمه المجاهد بقوله:{والمجاهدون في سبيل الله} أي دين الملك الأعظم الذي من سلكه وصل إلى رحمته {بأموالهم وأنفسهم} ولما كان نفي المساواة سبباً لترقب كل من الحزبين الأفضليبة، لأن القاعد وإن فاته الجهاد فقد تخلف الغازي في أهله، إذ يحيي الدين بالاشتغال بالعلم ونحوه؛ قال