إلى ذلك بالأمر بالصلاة حال الطمأنينة، تنبيهاً على عظم قدرها، وبياناً لأنها أوثق عرى الدين وأقوى دعائمه وأفضل مجليات القلوب ومهذبات النفوس، لأنها مشتملة على مجامع الذكر {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر}[العنكبوت: ٤٨] فقال: {فإذا اطمأننتم} أي عما كنتم فيه من الخوف {فأقيموا الصلاة} أي فافعلوها قائمة المعالم كلها على الحالة التي كنتم تفعلونها قبل الخوف؛ ثم علل الأمر بها في الأمن والخوف والسعة والضيق سفراً أو حضراً بقوله:{إن الصلاة} مظهراً لما كان الأصل فيه الإضمار تنيبهاً على عظيم قدرها بما للعبد فيها من الوصلة بمعبوده {كانت على المؤمنين كتاباً} أي هي - مع كونها فرضاً - جامعة على الله جمعاً لا يقارنها فيه غيره {موقوتاً *} أي وهي - مع كونها محدودة - مضبوطة بأوقات مشهورة، فلا يجوز إخراجها عنها في أمن ولا خوف فوت - بما أشارت إليه مادة وقت للأبدان بما تسبب من الأرزاق. وللقلوب بما تجلب من المعارف والأنوار.
ولما عرف من ذلك أن آيات الجهاد في هذه السورة معلمة للحذر خوف الضرر، مرشدة إلى إتقان المكائد للتخلص من الخطر،