للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خواناً أثيماً} بصيغتي المبالغة - على أن مراتب المبالغين في الخيانة متفاوتة، وفيه مع هذا استعطاف لمن وقعت منه الخيانة مرة واحدة وقدم سبحانه وتعالى ذلك، لأن فيه دفعاً للضر عن البريء وجلباً للنفع إليه؛ ثم أتبعه بعيب هذا الخائن وقلة تأمله والإعلام بأن المجادلة عنه قليلة الجدوى، فقال سبحانه وتعالى معجباً منهم بما هو كالتعليل لما قبله: {يستخفون} أي هؤلاء الخونة: طعمة ومن مالأه وهو يعلم باطن أمره {من الناس} حياء منهم وخوفاً من أن يضروهم لمشاهدتهم لهم وقوفاً مع الوهم كالبهائم {ولا يستخفون} أي يطلبون ويوجدون الخفية بعدم الخيانة {من الله} أي الذي لا شيء أظهر منه لما له من صفات الكمال {وهو} أي والحال أنه {معهم} لا يغيب عنه شيء من أحوالهم، ولا يعجزه شيء من نكالهم، فالاستخفاء منه لا يكون إلا بترك الخيانة ومحض الإخلاص، فواسوأتاه من أغلب الأفعال والأقوال والأحوال! {إذ} أي حين {يبيتون} أي يرتبون ليلاً على طريق الإمعان في الفكر والإتقان للرأي {ما لا يرضى من القول} أي من البهت والحلف عليه، فلا يستحيون منه ولا يخافون، لاستيلاء الجهل والغفلة على قلوبهم وعدم إيمانهم بالغيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>