بتلك المجالسة من النهي عن مثل حالهم، ومن جزاء من فعل مثل فعلهم - إلى أن ختم بأشد عذاب المنافقين، وحث على التوبة بما ختمه بصفتي الشكر والعلم؛ أخبر أنه يبغض خوض الكافرين الذين قبح مجالستهم حال التلبس به، وكذا كل جهر بسوء إلا ما استثناه، فمن أقدم على ما لا يحبه لم يقم بحق عبوديته، فقال معللاً ما مضى قبل افتتاح أمر المنافقين من الأمر بإحسانه التحية:{لا يحب الله} أي المختص بصفات الكمال {الجهر} أي ما يظهر فيصير في عداد الجهر {بالسوء} أي الذي يسوء ويؤذي {من القول} أي لأحد كائناً من كان، فإن ذلك ليس من شكر الله تعالى في الإحسان إلى عباده وعياله ولا من شكر الناس في شيء ولا يشكر الله من لا يشكر الناس {إلا من} أي جهر من {ظلم} أي كان من أحد من الناس ظلم إليه كائناً من كان فإنه يجوز له الجهر بشكواه والتظلم منه والدعاء عليه وإن ساءه ذلك بحيث لا يعتدي.
ولما كان القول مما يسمع، وكان من الظلم ما قد يخفي، قال مرغباً مرهباً:{وكان الله} أي الذي له الإحاطة الكاملة {سمعياً} أي لكل ما يمكن سماعه من جهر وغيره {عليماً *} أي بكل ما يمكن أن يعلم