ما يراد من إعلائه {ضلالاً بعيداً *} أي لأن أشد الناس ضلالاً مبطل يعتقد أنه محق، ثم يحمل غيره على مثل باطله، فصاروا بحيث لا يرجى لهم الرجوع إلى الطريق النافع، لا سيما إن ضم إلى ذلك الحسد، لأن داء الحسد أدوأ داء؛ ثم علل إغراقهم في الضلال بإضلاله لهم لتماديهم فيما تدعوا إليه نقيصة النفس من الظلم بقوله وعيداً لهم:{إن الذين كفروا} أي ستروا ما عندهم من نور العقل {وظلموا} أي فعلوا لحسدهم فعل الماشي في الظلام بإعراضهم وإضلالهم غيرهم {لم يكن الله} أي بجلاله {ليغفر لهم} أي لظلمهم {ولا ليهديهم طريقاً *} أي لتضييعهم ما أتاهم من نور العقل ومنابذتهم؛ ثم تهكم بهم بقوله:{إلا طريق جهنم} أي بما تجهموا مَنْ ظلموه.
ولما كان المعنى: فإنه يسكنهم إياها، قال:{خالدين فيها} أي لأن الله لا يغفر الشرك، وأكد ذلك بقوله:{أبداً} ولما كان ذلك مع ما لهم من العقول أمراً عجيباً قال تعالى: {وكان ذلك} أي الأمر العظيم من كفرهم وضلالهم وعذابهم {على الله يسيراً *} أي لأنه قادر على كل شيء.