ولما أفصح بهذا الحق سبب عنه قوله:{فآمنوا بالله} أي الذي لا يعجزه شيء، ولا يحتاج إلى شيء {ورسله} أي عيسى عليه الصلاة والسلام وغيره عامة، من غير إفراط ولا تفريط، ولا تؤمنوا ببعض ولا تكفروا ببعض، فإن ذلك حقاً هو الكفر الكامل - كما مر.
ولما أمرهم بإثبات الحق نهاهم عن التلبس بالباطل فقال:{ولا تقولوا} أي في أمر عيسى عليه الصلاة والسلام {ثلاثة} أي استمروا أيها اليهود على التكذيب بما يقول فيه النصارى، ولا تقولوا: إنه متولد من أب وأم لغير رشدة - المقتضي للتثليث، وارجعوا أيها النصارى عن التثليث الذي تريدون به أن الإله بثلاثة وإن ضممتم إليه أنه إله واحد، لأن ذلك بديهي البطلان، فالحاصل أنه نهى كلاً عن التثليث وإن كان المرادان به مختلِفَين، وإنما العدل فيه أنه ابن مريم، فهما اثنان لا غير، وهو عبد الله ورسوله وكلمته وروح منه.
ولما نهاهم عن ذلك بصيغة النهي صرح به في مادته مرغباً مرهباً في صيغة الأمر بقوله:{انتهوا} أي عن التثليث الذي نسبتموه إلى الله بسببه، وعن كل كفر، وقد أرشد سياق التهديد إلى أن التقدير: إن تنتهوا يكن الانتهاء {خيراً لكم} .
ولما نفى أن يكون هو الله، كما تضمن قولهم، حصر القول فيه سبحانه في ضد ذلك، كما فعل في عيسى عليه الصلاة والسلام فقال: