ولا ما يجانس عنصر البشر، فكانوا لذلك أعجب خلقاً من آدم عليه الصلاة والسلام أيضاً، وهم لا يستنكفون بذلك عن أن يكونوا عباد الله.
ولما كان التقريب مقتضياً في الأغلب للاستحقاق، وكان صفة عامة للملائكة قال:{المقربون} أي الذين هم في حضرة القدس، فهم أجدر بعلم المغيبات وإظهار الكرامات، وجبرئيل الذي هو أحدهم كان سبباً في حياة عيسى عليه الصلاة والسلام، وقد ادعى بعض الناس فيهم الإلهية أيضاً، وبهذا طاح استدلال المعتزلة بهذه الآية على أفضلية الملك على البشر بأن العادة في مثل هذا السياق الترقي من الأدنى إلى الأعلى بعد تسليم مدعاهم، لكن في الخلق لا في المخلوق.
ولما أخبر تعالى عن خلّص عباده بالتشرف بعبوديته أخبر عمن يأبى ذلك، فقال مهدداً محذراً موعداً:{ومن يستنكف} أي من الموجودات كلهم {عن عبادته} ولما كان الاستنكاف قد يكون بمعنى مجرد الامتناع لا كبراً، قال مبيناً للمراد من معناه هنا:{ويستكبر} أي يطلب الكبر عن ذلك ويوجده، لأن مجرد الامتناع لا يستلزمه.
ولما كان الحشر عاماً للمستكبر وغيره كان الضمير في {فسيحشرهم} عائداً على العباد المشار إليهم بعبداً وعبادته، ولا يستحسن عوده على «مَنْ» لأن التفصيل يأباه، والتقدير حينئذ: فسيذلهم لأنه سيحشر العباد