لم تجمع لئلا يظن أن المقصود تعداد النعم، لا الندب إلى الشكر بتأمل أن هذا الجنس لا يقدر عليه غيره سبحانه وعظَّم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما يستحقه بجعل فعله سبحانه فعله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:{وميثاقه} أي عقده الوثيق {الذي واثقكم به} أي بواسطة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين بايعكم ليلة العقبة على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره {إذ} أي حين {قلتم سمعنا وأطعنا} وفي ذلك تحذير من مثل ما أراد بهم شاس بن قيس، وتذكير بما أوجب له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليهم من الشكر بهدايته لهم إلى الإسلام المثمر لالتزام تلك العهود ليلة العقبة الموجبه للوفاء الموعود عليه الجنة، والتفات إلى قوله أول السورة {أوفوا بالعقود}[المائدة: ١] وحديث إسباغ الوضوء على المكاره مبيّن لحسن هذه التناسب.
ولما كان أمر الوفاء بالعهد صعباً، لا يقوم به إلا من صدقت عريقته وصلحت سريرته، وإنما يحمل عليه مخافة الله قال:{واتقوا الله} أي اجعلوا بينكم وبين ما يغضب الملك الأعظم. الذي يفعل ما يشاء. من نقض العهد وقاية من حسن القيام، لتكونوا في أعلى درجات وعيه، ثم علل ذلك مرغباً مرهباً بقوله:{إن الله} أي الذي له صفات الكمال {عليم} أي بالغ العلم {بذات الصدور *} أي أحوالها من سرائرها