فكأنما حمل إثم من قتل الناس جميعاً، لأن اجتراءه على ذلك أوجب اجتراء غيره، ومن سن سنة كان كفاعلها {ومن أحياها} أي بسبب من الأسباب كعفو، أو إنقاذ من هلكة كغرق، أو مدافعة لمن يريد أن يقتلها ظلماً {فكأنما أحيا} أي بذلك الفعل الذي كان سبباً للأحياء {الناس جميعاً} أي بمثل ما تقدم في القتل، والآية دالة على تعليمه سبحانه لعباده الحكمة، لما يعلم من طباعهم التي خلقهم عليها ومن عواقب الأمور - لا على أنه يجب عليه - رعاية المصلحة، ومما يحسن إيراده هاهنا ما ينسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورأيت من ينسبه للشافعي رحمه الله تعالى:
الناس من جهة التمثال أكفاء ... أبوهمُ آدم والأم حواء
نفس كنفس وأرواح مشاكلة ... وأعظمُ خلقت فيهم وأعضاء
فإن يكن لهمُ في أصلهم حسب ... يفاخرون به فالطين والماء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم ... على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرىء ما كان يحسنه ... وللرجال علىلأفعال أسماء
وضد كل امرىء ما كان يجهله ... والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش حياً به أبداً ... فالناس موتى وأهل العلم أحياء