الذي يأتيني فله كذا كذا درهم {أيديهما} أي الأيامن من الكوع إذا كان المأخوذ ربع دينار فصاعداً من حرز مثله من غير شبهة له فيه - كما بين جميع ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويرد مع القطع ما سرقه؛ ثم علل ذلك بقوله:{جزاء بما كسبا} أي فعلا من ذلك، وإدالته على أدنى وجوه السرقة وقاية للمال وهواناً لها للخيانة، وديتها إذا قطعت في غير حقها خمسمائة دينار وقاية للنفس من غير أن ترخصها الخيانة، ثم علل هذا الجزاء بقوله:{نكالاً} أي منعاً لهما كما يمنع القيد {من الله} أي الذي له جميع العظمة فهو المرهوب لكل مربوب، وأعاد الاسم الأعظم تعظيماً للأمر فقال:{والله} أي الذي له جميع صفات الكمال {عزيز} أي في انتقامه فلا يغالبه شيء {حكيم *} أي بالغ الحكم والحكمة في شرائعه، فلا يستطاع الامتناع من سطوته ولا نقض شيء يفعله، لأنه يضعه في أتقن مواضعه.
ولما ختم بوصفي العزة والحكمة، سبب عنهما قوله:{فمن تاب} أي ندم وأقلع، ودل على كرمه بالقبول في أيّ وقت وقعت التوبة فيه ولو طال زمن المعصية بإثبات الجار فقال:{من بعد} وعدل عن أن يقول «سرقته» إلى {ظلمه} تعميماً للحكم في كل ظلم، فشمل ذلك فعل طعمة وما ذكر بعده مما تقدم في النساء وغير ذلك