على ذلك قوله تعالى {ومن يرد اله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً}{ولا يحزنك} أي لا يوقع عندك شيئاً من الحزن صنعُ {الذين يسارعون في الكفر} أي يفعلون في إسراعهم يف الوقوع فيه غاية الإسراع فعلَ من يسابق غيره، وفي تبيينهم بالمنافقين وأهل الكتاب بشارة بإتمام النعمة على العرب بدوام إسلامهم ونصرهم عليهم، وقدم أسوأ القسمين فقال:{من الذين قالوا آمنا} .
ولما كان الكلام هو النفسي، أخرجه بتقييده بقوله:{بأفواههم} معبراً لكونهم منافقين بما منه ما هو أبعد عن القلب من اللسان، فهم إلى الحيوان أقرب منهم إلى الإنسان، وزاد ذلك بياناً بقوله:{ولم تؤمن قلوبهم} .
ولما بين المسارعين بالمنافقين، عطف عليهم قسماً آخر هم أشد الناس مؤاخاة لهم فقال:{ومن الذين هادوا} أي الذين عرفت قلوبهم وكفرت ألسنتهم تبعاً لمخالفة قلوبهم لما تعرف عناداً وطغياناً، ثم أخبر عنهم بقوله:{سمّاعون} أي متقبلون غاية التقبل بغاية الرغبة {للكذب} أي من قوم من المنافقين يأتونك فينقلون عنك الكذب {سمّاعون لقوم آخرين} أي الصدق، ثم وصفهم بقوله:{لم يأتوك} أي لعلة، وذكر الضمير لإرادة الكلام، لأن المقصود البغض على